عاد الحديث عن الإسلام والجاليات المسلمة بقوة خلال المدة الأخيرة ليهيمن على المشهد السياسي والإعلامي بهولندا. عودة جاءت بعد فترة بيات شتوي طويلة كانت بالنسبة لخيرت فيلدرس بمثابة كابوس ثقيل، فهو لا يستطيع الحياة بدون أن تكون هناك قضية إسلامية يحاول من خلالها تأكيد حضوره ووجوده.
فقبل أسابيع أعلنت إدارة المسجد الأزرق بعاصمة أرض الطواحين الهوائية أمستردام عزمها رفع الأذان عبر مكبرات الصوت خارج أسوار المسجد. هذا الإعلان الذي فتح نقاشا واسعا على الصعيد الوطني والمحلي، سواء على المستوى السياسي أو في وسائل الإعلام الرسمية أو عبر منابر التواصل الاجتماعي المختلفة.
وكما كان متوقعا فقد كان حزب الحرية لفيلدرس السباق للتنديد بهذه الخطوة، مطالبا وزير الاندماج بالإغلاق الفوري للمسجد، بل ولجميع المساجد.
تطبيع الإسلام
مجلس إدارة المسجد قال في البيان الصحافي الذي أرسله إلى وسائل الإعلام: “لقد اتخذنا هذا القرار لأننا نعتقد أنه يمكننا المساهمة من خلاله في تطبيع الإسلام في مدينة أمستردام الجميلة”. خطيب المسجد ياسين الفرقاني صرح من جانبه بالقول: “نريد أن نبرز أن عبارة “الله أكبر” جميلة للغاية، وأمستردام، المدينة الأكثر تسامحاً يجب ألا تضيق بذلك. بهذه الطريقة يمكننا أن نتخلص من الكثير من الأفكار السلبية عن الإسلام”.
الناطق الرسمي باسم مجلس المساجد المغربية (RMMN) سعيد بوهرو نقلت عنه صحف هولندية أنه لا يفهم كل هذه الضجة بشأن قرار المسجد الأزرق؛ ففي هولندا هناك عشرات المساجد التي يتم فيها رفع الأذان دون أي مشاكل إطلاقا.
أمسية معلوماتية
عمدة المدينة، فيمك هالسما (الزعيمة السابقة لحزب اليسار الأخضر)، لم تكن متحمسة لقرار المسجد الأزرق، على اعتبار أن الأذان يتم باللغة العربية وليس بالهولندية. ولإعطاء التوضيحات اللازمة عن الموضوع، ولتصحيح كثير من الأحكام المسبقة، نظم المسجد أمسية معلوماتية حضرها العشرات من سكان الحي. في ختام اللقاء كان الارتياح باديا على محايا معظم الحاضرين.
كان من المفروض أن يتم رفع الأذان يوم الجمعة 8 نوفمبر، ولكن في آخر لحظة تم اكتشاف قطع سلك موصل بمكبر الصوت في الخارج. ليتم تأجيل الموعد إلى الجمعة الموالي.
ويرفع الآذان
الجمعة 15 نوفمبر 2019 سيسجل في التاريخ باعتباره أول يوم يتم فيه رفع الأذان عبر مكبرات الصوت من فوق صومعة مسجد بأمستردام. فبحضور كثيف للصحافة والسكان في باحة المسجد الأزرق، قام مؤذن المسجد وبصوت رائع برفع أذان صلاة الجمعة.
معظم الحاضرين عبروا عن ارتياحهم وتعاطفهم. الجاليات المسلمة بهولندا والمغربية منها بالخصوص تفاعلت مع الحدث الذي رأت فيه خطوة إيجابية تكرس لقيم وطن متعدد الثقافات، وتعزز مبادئ التسامح والعيش المشترك والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع الهولندي.