سياحة المعاقين في المغرب مشروع رائد افريقيا
شعورك و انت الوحيد في العائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ بلا شك أن طفولتي كانت صعبة باعتباري الشخص الوحيد في العائلة الذي أصيب بإعاقة جسدية. وكان اللحظة الصعبة هو ذلك القرار الذي اتخذاه والدي بإرسالي إلى مدرسة خاصة بالمعاقين للتمدرس في الخميسات منذ سن مبكرة في ست سنوات.
والحياة بعيدا عن الأم والأب في مرحلة الطفولة تكون قاسية على أي طفل. بعد سنوات من الكفاح والدراسة، حصلت فيها في الأخير على شهادة البكلوريا. وبعدها درست السنة الأولى في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة شعبة الأدب الإنجليزي، لكن للأسف لم أتابع الدراسة لظروف خاصة منها عدم حصولي على الإقامة في الحي جامعي ولا على المنحة. وبعد سنوات أخرى حصلت على ثلاث شواهد في مجال الاعلاميات، بكونه آنذاك المجال الذي يعتبر الفرصة الوحيدة لذوي الاحتياجات الخاصة باعتباره لا يتطلب مجهودا بدنيا كبيرا. لكن عدت في الأخير إلى قريتي تونفيت.
• بعد عودتكم إلى تونفيت، كيف بدأت فكرة السياحة تراودكم؟ بعد أن سدت الأبواب أمامي عدت إلى تونفيت. كان يجب علي أن تحدى ظروف العيش فيها ومحاولة الاندماج من جديد مع ظروف القرية من مناخ بارد و غياب لمرافق خاصة بالشباب لملء أوقات فراغهم. وفي أحد الأيام قمت برحلة مع الأصدقاء خارج القرية دامت أربعة أيام وفي منطقة جبلية وعرة وذات مناظر طبيعية خلابة. رغم الإعاقة استطعت بعكازي مجاراة الأصدقاء. وخلال هذه الرحلة أخذنا عدة صور فوتوغرافية والتي ستكون فيما بعد سببا في نمو فكرة السياحة. بفضل اهتمامي بمجال الاعلاميات قمت بنشر هذه الصور على الشبكة العنكبوتية لتقاسمها مع بعض الأصدقاء وتفاجأت بالتفاعل الكبير والايجابي للأجانب لم أكن أتوقعه. فقد كان شيئا متميزا بالنسبة لهم أن يتحدى شاب إعاقته ويخرج من الحياة والصورة النمطية ويتجه رفقة الأصدقاء نحو زوايا أخرى جديدة من العالم. وبالتالي رؤية هؤلاء الأجانب شجعتني كثيرا وكانت دفعة قوية بالنسبة لي. وهناك من لايزال يدعمني ويحفزني، إلى حد الان، على الاستمرار وعدم الاستسلام للإعاقة. ومن هنا انطلقت فكرة سياحة المعاق.
• شاهدنا لكم صورا كثيرة رفقة السياح الأجانب وفي دول متعددة، ماهي أهم التجارب التي عشتموها بعد الانطلاقة في سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة؟ من أفضل التجارب التي عشتها وهي تمثيل المغرب في مؤتمر عالمي لسياحة المعاقين في ماليزيا سنة 2010. إذ توصلت بدعوة رسمية من رئيسة المؤتمر وقد حضرت 24 دولة من بينها المغرب وهي الدولة الافريقية الوحيدة الممثلة. وقدمت فيه مداخلة كانت جد مميزة حول السياحة بالمغرب وإبراز أهم المواقع السياحية فيه، وقد أثارت إعجاب الحاضرين، وحصلت بعدها على جائزة خاصة بكوني أصغر مشارك سنا. وما أثار استيائي أن معظم الدول المشاركة كانت تفتخر بما تتوفر بلدانها من ممرات وولوجيات خاصة بالمعاقين. في ذلك الحين أحسست أن أمام المغرب تحد أكبر للوصول إلى المستوى المطلوب في هذا المجال. بالإضافة إلى أنني شاركت في عدة تجمعات وسفريات حول سياحة المعاق في تركيا وإيران… وأتتني مئات الدعوات من عدة دول للحضور في مؤتمراتها (أمريكا، اسبانيا، كندا، ألمانيا، كوريا…) كل ما تعلمته من هذه التجارب رسخ فيّ العزيمة على المضي قُدُما في هذا المجال وحُلمي أن أسس لمشروع في سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمغرب. وهذا لن يتأتى دون دعم من الجهات المسؤولة عن المجال.
• ماهي أبرز المشاكل التي تعترض مشروع سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمغرب؟ للأسف المغرب لا يتوفر على قاعدة مهمة في الولوجيات للمعاقين. وأخبركم أن سياحة المعاقين أصبحت مصدرا ماديا مهما في بعض الدول الأوروبية. نحن لا نتوفر على المواصلات الخاصة بالمعاقين والممرات الخاصة، وغالبية الفنادق لا تتوفر على خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة (مثلا للولوج للمرافق الصحية…) كما أن الأماكن السياحية بالمغرب لا تتوفر على ممرات خاصة للوصول إليها. • ماهي الرسالة التي تودون ايصالها للمسؤولين؟ إني أعمل جاهدا على تطوير مجال السياحة لذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب لأفتح الباب أمام هذه الفئة التي لها أيضا الحق في فرصة السياحة والاستمتاع بجمالية بلدنا وروعة طبيعته الساحرة. وهذا لن يتأتى إلا بالانطلاق بإنشاء الولوجيات ليكون دافعا وحافزا لهم للقيام بالسياحة سواء كانوا مغاربة أو أجانب. أتمنى من المسؤولين في هذا المجال أن يعيد النظر في سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمغرب ومساعدتي على تحقيق مشروعي، فبعد هذه السنين الطويلة والتجربة التي راكمتها في هذا المجال، أطمح إلى الحصول على الدعم لإنشاء وكالة سياحية خاصة بهذه الفئة والتي ستكون هي الأولى من نوعها في المغرب ولما لا سيكون النموذج الرائد